القاهرة (رويترز) - امتلأت شوارع العاصمة المصرية القاهرة في ساعة
مبكرة من صباح الاحد بالمتاجر المنهوبة والسيارات المحروقة ورائحة الاطارات
المشتعلة في الوقت الذي سعى فيه الرئيس حسني مبارك لمساومة الحشود الغاضبة
وناضلت فيه قوات الجيش لاحتواء اللصوص.
ويضع المصريون ثقتهم في الجيش املا في اعادة القوات النظام للشوارع
التي سيطرت عليها العصابات لكنه لن يفتح النار على المتظاهرين لابقاء مبارك
في السلطة.
وخلال خمسة ايام من الاحتجاجات غير المسبوقة والتي هزت مصر وقتل فيها
اكثر من 100 شخص وتملك الخوف المستثمرين والسائحين عرض مبارك اول ملمح من
خطة للتقاعد ووقع 80 مليون مصري بين الامل في اصلاحات ديمقراطية والخوف من
الفوضى.
وتراجع الولايات المتحدة والقوى الاوروبية سياساتها في الشرق الاوسط
وهي التي ايدت مبارك طوال 30 سنة تغاضت خلالها عن وحشية الشرطة والفساد
مقابل توفير حصن منيع ضد الشيوعية اولا ثم التشدد الاسلامي الان.
واكبر خوف مباشر كان من النهب في الوقت الذي انهار فيه النظام العام
كله. واقتحم غوغاء المتاجر والبنوك ومتاجر الذهب والمباني الحكومية. والحق
لصوص اضرارا باثنتين من المومياوات في المتحف المصري.
وخلال الليل خرج المواطنون الى الشوارع مسلحين بالهراوات والسلاسل
والسكاكين لحراسة مناطقهم من اللصوص. وبحلول الصباح كانت الشوارع خالية الى
حد بعيد بينما انتشرت الدبابات والمركبات المدرعة عند البنوك والمباني
الكبرى.
واختفت الشرطة التي اشتبكت مع المتظاهرين لايام من الشوارع وحلت
محلها قوات الجيش التي يلتف حولها المواطنون حتى الان.
وقالت قناة العربية التلفزيونية يوم الاحد ان الجيش المصري يتولى
الان حراسة وزارة الداخلية في وسط القاهرة. وكان محتجون حاولوا الهجوم على
مبنى الوزارة.
وفي مشاهد سريالية وقف جنود من جيش مبارك بجانب دبابات كتب عليها
عبارات "يسقط مبارك. يسقط المستبد. يسقط الخائن. الفرعون يخرج من مصر.
كفاية."
وسئل احد الجنود كيف تسمح قوات الجيش للمحتجين بكتابة شعارات مناهضة
لمبارك على مركباتهم فقال "هذه عبارات كتبها الشعب ... انها اراء الشعب."
وعبر السكان عن املهم في ان تستعيد قوات الجيش النظام.
وقال صلاح خليفة وهو موظف بشركة للسكر "الناس خائفة من هؤلاء
الخارجين على القانون في الشوارع الذين ينهبون ويهاجمون ويدمرون."
ورضخ مبارك (82 عاما) للمحتجين وعين نائبا للرئيس لاول مرة وهو عمر
سليمان الذي كان حتى الان مدير مخابراته كخليفة له في نهاية الامر لفترة
انتقالية على الاقل. ويرى كثيرون ذلك بانه نهاية لطموحات نجله جمال لتولي
السلطة.
ويقول مصريون ان التغييرات ستظل بلا معنى الى ان يرحل مبارك.
وقال خليفة "جميع هذه التغييرات التي اجراها ما هي الا مسكنات. الناس
لا يريدون مبارك بعد الان. الناس تريد التغيير... هو لا يريد ان يرحل. هو
سفاح."
وفي تطور منفصل قررت مصر ايقاف نشاط قناة الجزيرة الفضائية في البلاد
بدءا من يوم الاحد.
وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان وزير الاعلام المصري انس
الفقى اصدر قرارا "بان تقوم هيئة الاستعلامات باغلاق وايقاف نشاط قناة
الجزيرة بجمهورية مصر العربية والغاء كافة التراخيص وسحب البطاقات الممنوحة
لجميع العاملين بها اعتبارا من اليوم."
وفي واشنطن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بي. جيه.
كراولي انه لا يمكن للحكومة المصرية الاكتفاء "باعادة ترتيب الاوراق."
ومنذ ان اطاح المحتجون بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل
اسبوعين انتشرت المظاهرات في شتى انحاء شمال افريقيا والشرق الاوسط في موجة
غير مسبوقة من الغضب ضد الزعماء المستبدين وكثيرون منهم راسخون منذ عشرات
السنين ويحظون بدعم امريكي.
وقال فواز جرجس من كلية لندن للاقتصاد "العالم العربي يعيش لحظات
مماثلة لما شهدته برلين."
واضاف "الجدار الاستبدادي انهار وهذا بغض النظر عما اذا كان مبارك
سيبقى."
ومثل تونس يطالب الشبان المصريون ومعظمهم عاطلون ومحبطون بسبب الظلم
على يد نخبة فاسدة وجشعة باستبعاد كامل للحرس القديم وليس مجرد تعديل
حكومي.
وكان يوم السبت اكثر ايام الانتفاضة الخمسة دموية. فقد قتلت الشرطة
17 شخصا في محافظة بني سويف جنوبي القاهرة. وتشير تقديرات عديدة الى ان عدد
القتلى بلغ 100.
وعلى كورنيش النيل بالقاهرة بقي الناس في الخارج بعد بدء سريان حظر
التجول ووقفوا الى جوار الدبابات يتبادلون الحديث مع الجنود الذين لم
يتخذوا اي اجراء لتفريقهم.
واقتربت مجموعة من 50 شخصا ترفع لافتة كتب عليها "الجيش والشعب معا"
من حاجز للجيش. ورفع الجنود حاجزا وسمحوا للمتظاهرين بالمرور. وقال ضابط
بالجيش "هناك حظر تجول. لكن الجيش لن يطلق النار على أي شخص."
وقالت روزماري أوليس من جامعة سيتي يونيفرستي في لندن ان على الجيش
ان يقرر اذا ما كان في صف مبارك او في صف الشعب "انها واحدة من تلك اللحظات
مثلها مثل سقوط الشيوعية في اوروبا الشرقية قد يرجع الامر لضباط صغار
وجنود لتقرير ما اذا كانوا سيطلقون النار على الحشود ام لا."
وكما هو حال باقي الزعماء العرب يصور مبارك نفسه على انه حصن ضد
اعداء الغرب من الاسلاميين. لكن جماعة الاخوان المسلمين المحظورة لم تكن
سوى عنصر واحد في الاحداث الاخيرة. وتقول الجماعة انها معتدلة.
وقال كمال الهلباوي عضو الاخوان من منفاه في لندن ان حقبة جديدة من
الحرية والديمقراطية تشرق في الشرق الاوسط. واضاف انه لن يكون بمقدور
الاسلاميين وحدهم حكم مصر. وتابع انه يتعين عليهم التعاون وانهم سيفعلون
ذلك.
ويوم الاحد هو يوم عمل عادي في مصر لكن البنك المركزي امر باغلاق
البنوك.
كما تغلق البورصة المصرية التي هبطت بنسبة 16 في المئة خلال يومين.
من سامية نخول وشيرين المدني
(شارك في التغطية دينا زايد ومروة عوض وسامية نخول في القاهرة
والكسندر دزيادوزس في السويس وارشد محمد في لندن)
document.getElementById('a_pseudo').value = '';
document.getElementById('a_email').value = '';
document.getElementById('a_url').value = 'http://';
if (document.getElementById('a_notify')) document.getElementById('a_notify').checked = false;
المصدر : الجزيرة